mercredi 14 août 2013

من الثورية إلى العبثية


إذا كانت الثورة كمفهوم تعني الانقلاب على وضع قائم لم يعد بإمكانه تحقيق مصالح المجتمع و سيرورته الطبيعية ضمن سياق التاريخ و الجغرافيا ، فإن ما تشهده الساحة العربية من حراك شعبي لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يوصف (بالحراك الثوري) ، ذلك لان الثورة في جوهرها تروم أولا و أخيرا تغيير الأفكار و الذهنيات التي على أساسها ينبثق المجتمع الجديد مع كل ما تحمل كلمة جديد معاني القطيعة مع الماضي فكرا و اداءا .
إن الثقافة التي حكمت شعوب المنطقة منذ الفتح الإسلامي و التي اعتمدت العرف و الشريعة بداية ثم الماكيافلية في أبشع صورها لاحقا ، هي نفسها التي تتحرك في إطارها الشعوب اليوم مع فارق مهم وهو سيطرة ظاهرة اللصوصية و الإجرام في الأوساط النخبوية الطامعة في السلطة ،ليتحول الحراك الشعبي العفوي إلى حركة عبثية مدمرة للبلاد و العباد و مرتهنة لمستقبل الأجيال اللاحقة ،
إن الأمة التي شرعتها الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر ، تخلت عن قيمها المؤسسة و اكتفت بالمكاسب في صراعها الدموي للظفر بكرسي الحكم الذي في النهاية لا يمثل سوى سلطة تقسيم الريع على الرعية كل حسب درجة ولائه للسلطان.
كيف لا يحق للعالم المتحضر و الحال هذه أن يصفنا بأشباه البشر و يستكثر علينا سايكس بيكو بل و يعدنا بالمزيد من التشرذم و الخزي و العار.