لو
سألنا أي جزائري داخل أو خارج ارض الوطن, عن ما الذي يريده أن يتغير في الجزائر
بعد الانتخابات الرئاسية لأفر يل 2014 ؟
يبدو
لي أن الأجوبة ستكون متنوعة و مختلفة بقدر تنوع و اختلاف العقول و الأنفس و
المصالح, ولكن المشترك بين كل الأجوبة سيكون حتما مطلب الشفافية.
و
المقصود بالشفافية هي شفافية المجتمع السياسي الذي يطمح و يطمع في تسيير الشأن
العام وفق الآلية الديمقراطية و التداول السلمي على السلطة, باعتبار الآلية
الديمقراطية الحديثة هي الوحيدة التي أثبتت نجا عتها في حماية وترقية الحق في
الاختلاف, كونها لا تعترف بالعنف أو التهديد أو الإكراه لإجبار الناس على خيارات
لا يريدونها.
من
هذا المنظور يصبح من الضرورة بمكان أن يلتزم المترشح للمهمة العمومية بأعلى قدر من
الشفافية في تواصله مع الجمهور إما مباشرة أو عبر وسائل الأعلام, بحيث يقدم العلماني نفسه على انه علماني يؤمن بضرورة
الفصل يبن الدين و الدولة, و يقوم الإسلامي بتقديم نفسه على انه إسلامي يدعو إلى
تطبيق أحكام الشريعة في كل ما يمس حياة الناس من زواج و طلاق و بيوع و إقامة
للحدود....
كما
ينبغي على المجتمع السياسي عبر مرشحيه أن يكون شفافا وواضحا في تصوراته و خياراته
ذات الأبعاد الاقتصادية و الاجتماعية, فيقدم اليساري نفسه على انه يساري يؤمن
بضرورة تدخل الدولة في الشأن الاقتصادي و الاجتماعي, عبر التأميمات أو الاحتكار أو
....
و
يقدم اليميني نفسه على انه يميني لا يؤمن بتدخل الدولة في الشأن الاقتصادي, بل هو
مع المبادرة الفردية الحرة في كل ما يتعلق بالاقتصاد و الاجتماع, حيث يقتصر دور
الدولة على الرقابة و التنظيم لا غير, و بأنه مع إقامة نظام البورصة كآلية لتوسيع
دائرة التمويل المالي للمؤسسة بما في ذلك مدخرات الأسر( l'épargne des ménages),
و بأنه مع إعطاء جمعيات المجتمع المدني كل الصلاحيات لتقوم بدورها الاجتماعي بما
في ذلك مساعدة الفئات الهشة في المجتمع.
إن الديمقراطية الحقة تقوم بالأساس على مبدأ الشفافية في
الطرح و النقاش و لا مكان فيها للمراوغة أو لغة الخشب, و لذلك فان عمادها الأساسي
هو الأعلام الحر و المحترف و المتخصص القادر على تنوير الرأي العام دون تزييف أو
تشويه حتى يتمكن الجمهور من حسم خياراته عن وعي و إدراك , و بدون هذا الأعلام
يستحيل أن توجد الديمقراطية.